ایکنا

IQNA

سيد قطب: لا بدّ من قيادة للبشرية جديدة... لأن النظام الغربی قد انتهى

21:02 - May 16, 2009
رمز الخبر: 1774989
طهران - وكالة الأنباء القرآنية العالمية(IQAN): "لا بدّ من قيادة للبشرية جديدة، إنّ قيادة الرجل الغربی للبشرية قد أوشكت على الزوال... لأن النظام الغربی قد انتهى دوره لأنه لم يعد يملك رصيدا من القيم يسمح له بالقيادة".
هو "سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلی"، ولد فی قرية "موشة" وهی إحدى قرى محافظة "أسيوط" بتاريخ "9/ 10 / 1906. تلقّى دراسته الابتدائية فی قريته. فی سنة 1920 سافر إلى "القاهرة"، والتحق بمدرسة المعلمين الأوّلية ونال منها شهادة الكفاءة للتعليم الأوّلی. ثم التحق بتجهيزية دار العلوم. فی سنة 1932 حصل على شهادة البكالوريوس فی الآداب من كلية دار العلوم. وعمل مدرسا حوالی ست سنوات، ثم شغل عدة وظائف فی الوزارة.
عين بعد سنتين فی وزارة المعارف بوظيفة "مراقب مساعد" بمكتب وزير المعارف آنذاك، "إسماعيل القبانی"، وبسبب خلافات مع رجال الوزارة، قدّم استقالته على خلفية عدم تبنيهم لاقتراحاته ذات الميول الإسلامية. وقبل مجلس ثورة يوليو الاستقالة سنة 1954، وفی نفس السنة تم اعتقال السيد قطب مع مجموعة كبيرة من زعماء "الإخوان المسلمين". وحكم عليه بالسجن لمدة (15) سنة. ولكن الرئيس العراقی عبد السلام عارف تدخّل لدى الرئيس المصری جمال عبد الناصر، فتم الإفراج عنه بسبب تدهور حالته الصحية سنة 1964.
وفی سنة 1965 اعتقل مرة أخرى بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم واغتيال جمال عبد الناصر واستلام الاخوان المسلمين الحكم فی مصر. وقد صدر حكم الإعدام على سيد قطب بتاريخ 21 / 8 / 1966 وتم تنفيذه بسرعة بعد أسبوع واحد فقط (فی 29 / 8 / 1966) قبل أن يتدخّل أحد الزعماء العرب!!
لسيد قطب علاقة وثيقة مع الصحف والمجلات. فقد بدأ بنشر نتاجه وهو لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره. وقد نشر أولى مقالاته فی صحيفة "البلاغ" و"الحياة الجديدة" و"الأسبوع" و"الأهرام" و"الجهاد".وكان السيد قطب غزير الإنتاج، يكتب المقالات الأدبية والنقدية والتربوية والاجتماعية والسياسية. ففی المجلات كتب فی "الكاتب المصری" و"الكتاب" و"الوادی" و"الشؤون الاجتماعية" و"الأديب" و"الرسالة" و"الثقافة" و"دار العلوم" وغيرها. وقد اشرف على مجلتی "الفكر الجديد" و"العالم العربی"، كما اشرف على مجلة "الإخوان" التی لاحقتها السلطات وفرضت عليها الرقابة دون غيرها من الصحف وأوقفتها عن الصدور فی 5 / 8 / 1954.
وبسبب نشاطه الإخوانی أغلقت كثير من الصحف أبوابها بوجه إبداعه فكتب يشكو أن الصحف المصرية ـ إلا النادر القليل منها ـ هی مؤسسات دولية، لا مصرية ولا عربية، مؤسسات تساهم فيها أقلام المخابرات البريطانية والفرنسية والمصرية والعربية أخيراً. وفی موقع آخر كتب ليعرّف الجمهور الكادح الفقير انه ليس هو الذی يموّل الجريدة بقروشه...: "تعتمد هذه الصحف على إعلانات تملكها شركات رأسمالية ضخمة، وتخدم بدورها المؤسسات الرأسمالية.. وتعتمد ثانيا على المصروفات السرية المؤقتة أو الدائمة التی تدفعها الوزارات لصحافتها الحزبية أو للصحف التی تريد شراءها أو ضمان حيادها.. وتعتمد ثالثا على المصروفات السرية لأقلام المخابرات الدولية وبخاصة إنكلترا وأمريكا..".
سيد قطب أديب له مكانته فی عالم الأدب والنقد وله علاقات مع عدة أدباء منهم طه حسين وأحمد حسن الزيات وتوفيق الحكيم ويحیى حقی ومحمود تيمور ونجيب محفوظ وغيرهم. ولكن علاقته المميزة كانت مع "عباس محمود العقاد". وهو أستاذ سيد قطب واثّر كثيراً على مسار تفكير سيد قطب الأدبی والنقدی والحزبی.
كان سيد قطب يكتب عن جميع كتب العقاد ويمدحه ويشير إلى عبقرية الرجل واعتبره شاعر العالم أجمع. لكنه فی سنة 1948 خرج نهائياً من مدرسة العقاد. وكان سيد قطب قد دفع الثمن غالياً بسبب دفاعه المستميت عن العقاد وأدبه من قبل الصحف الوفدية (بعد خروجهما من الحزب) والمسؤولين فی وزارة المعارف.
كما أشرت سابقاً، انضمّ سيد قطب إلى حزب الوفد ثم انفصل عنه، وانضم إلى حزب السعديين - نسبة إلى سعد زغلول - لكنه ملّ من الأحزاب ورجالها وعلل موقفه هذا قائلاً: "لم أعد أرى فی حزب من هذه الأحزاب ما يستحق عناء الحماسة له والعمل من أجله".
منذ سنة 1953 انضم سيسد قطب عمليا لحركة الإخوان المسلمين وكلّفه الإخوان بتحرير لسان حالهم جريدة "الإخوان المسلمين" وإلقاء أحاديث ومحاضرات إسلامية. كما مثّل الإخوان خارج مصر فی سوريا والأردن اللتين منع من دخولهما، ثم القدس.
مما لا شك فيه انه كان للإخوان المسلمين تنظيم قوی قبيل قيام الثورة، وأنهم لم يكونوا بمعزل عن الأمور والتطورات فی مصر، وان تنظيمهم الفكری والاجتماعی والسياسی كان أكثر نضوجاً من تنظيم الضباط الأحرار. زد على ذلك أن بعض الضباط الإسلاميين كانوا شركاء حقيقيين مع الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر، وزد عليه محاولة محمد نجيب الرئيس الأول لمصر بعد الجلاء البريطانی التقرب من الإخوان المسلمين من اجل احتواء قوتهم. لكن مطلبه هذا كلفه العزل من منصبه وفرض الإقامة الجبرية عليه، حتى جاء السادات وفكّ أسره المنزلی.
وتروی لنا بعض المصادر الشحيحة إن الضباط الأحرار قبيل الثورة كانوا يتشاورون مع سيد قطب حول الثورة وأسس نجاحها. والذی يؤكّد ذلك انه تم تعيينه من قبل قيادة الثورة مستشاراً للثورة فی أمور داخلية وأوكلت له مهمة تغيير مناهج التعليم التی عُمِل بها فی مصر، والتی أكل الدهر عليها وشرب. كما أن لا أحد ينكر قيمة المقالات التی نشرها سيد قطب والتی دعا فيها الشعب المصری للخروج على سياسة القهر والرجعية المصرية. وقد حاول سيد قطب التوفيق بين عبد الناصر والإخوان. وانحاز سيد قطب إلى الإخوان ورفض جميع المناصب التی عرضها عليه عبد الناصر مثل وزير المعارف، ومدير سلطة الإذاعة ...
تم إلقاء القبض على سيد قطب وزجّه فی السجن فرأى أهوال التعذيب من قبل المحققين. وكان قد قتل من جراء التعذيب عدد من أعضاء تنظيم الإخوان. وكان سيد قطب جريئاً أثناء محاكمته القصيرة، والتی منع محامون أجانب وممثلو هيئات الدفاع عن حقوق السجين من المرافعة عنه فيها، وعن باقی أعضاء التنظيم. وفی ليلة تنفيذ الحكم، طلب منه أن يقبل بالمساومة والاعتذار ، أو أن يكتب سطراً واحداً يطلب فيه الرحمة من الرئيس جمال عبد الناصر فرفض. وفی نفس الوقت حاول ملك السعودية التوسط لدى عبد الناصر بالعدول عن إعدام سيد قطب، ولكن عبد الناصر رفض. وقد أعدم سيد قطب فی فجر يوم "29 / 8 / 1966".
إن إعدام مفكر عربی إسلامی مثل السيد قطب الذی قدّم خدماته الفكرية فی الأدب والدين والاجتماع والسياسة، بهذه الصورة الوحشية وغير المنصفة، يعتبر من اكبر أخطاء نظام جمال عبد الناصر. لا سيما وان الرجل قدم خدمات جليلة لقيادة الثورة، ولو انه قبل بالأموال والمناصب، لصار عندهم قائداً وطنياً.
والذی يزيد الجرح نزيفاً قيام بعض الجهات باتهام سيد قطب بالعمالة لأمريكا أو بالتخطيط لقلب نظام الحكم ، مع العلم انه رأى أن الوقت غير مناسب لقلب النظام وتحويله إلى نظام إسلامی صرف. إن صمود هذا الرجل فی سجنه ومحنته المستمرة والمتكررة وعدم قبوله بالمناصب وإيمانه برسالته يجعله فی صفوف الرجال العظماء فی هذا العصر.
يعتبر هذا الكتاب من أهم كتب السيد قطب. وقد كتبه فی السجن على شكل رسائل جمعت و صدرت فی كتاب. واخترت لكم منه هذه الأفكار الخالدة: "لا بدّ من قيادة للبشرية جديدة، إنّ قيادة الرجل الغربی للبشرية قد أوشكت على الزوال... لأن النظام الغربی قد انتهى دوره لأنه لم يعد يملك رصيدا من القيم يسمح له بالقيادة".
وفی موقع آخر يقول عن سر نجاح الأمة الإسلامية: "لقد اجتمع فی الإسلام المتفوق، العربی والفارسی والشامی والمصری والمغربی والتركی والصينی والهندی والرومانی والإغريقی والاندونيسی والإفريقی إلى آخر الأقوام والأجناس وتجمّعت خصائصهم كلها لتعمل متمازجة متعاونة متناسقة فی بناء المجتمع الإسلامی والحضارة الإسلامية. ولم تكن هذه الحضارة الضخمة يوما ما [عربية] إنما كانت دائماً [إسلامية] ولم تكن [قومية] إنما كانت دائماً [عقيدية]".
أما عن رأيه بالشيوعية العالمية فيقول: "وأرادت الشيوعية ان تقيم تجمعا من نوع آخر، يتخطّى حواجز الجنس والقوم والأرض واللغة واللون، ولكنها لم تقمه على قاعدة إنسانية عامة، إنما أقامته على القاعدة "الطبقية" فكان هذا المجتمع هو الوجه الآخر للتجمّع الرومانی القديم. هذا تجمع على قاعدة طبقة [الأشراف] وذلك تجمع على قاعدة طبقة الصعاليك [البروليتاريا]"...
وعند تصور سيد قطب للدولة ونظام حكمها يقول: "ومملكة الله فی الأرض لا تقوم بان يتولّى الحاكمية فی الأرض رجال بأعينهم ـ وهم رجال دين ـ كما كان الأمر فی سلطة الكنيسة، ولا رجال ينطقون باسم الآلهة كما كان الحال فيما يعرف باسم "الثيوقراطية" أو الحكم الإلهی المقدس!! ولكنها تقوم بان تكون شريعة الله هی الحاكمة وان يكون مردّ الأمر إلى الله وفق ما قرره من شريعة مبیّنة".
ومما جاء فی هذا الكتاب أيضاً، رأی السيد قطب فی الاستعمار العالمی الذی تغلغل عميقا فی الأمة الإسلامية: "ونحن نشهد نموذجاً من تمويه الراية فی محاولة الصليبية العالمية اليوم أن تخدعنا عن حقيقة المعركة، وان تزوّر التاريخ، فتزعم لنا أن الحروب الصليبية كانت ستاراً للاستعمار... كلا... إنما الاستعمار الذی جاء متأخراً هو الستار للروح الصليبية التی لم تعد قادرة على السفور كما كانت فی القرون الوسطى! والتی تحطّمت على صخرة العقيدة بقيادة مسلمين من شتى العناصر، وفيهم صلاح الدين الكردی، ونوران شاه المملوكی، العناصر التی نسيت قوميتها وذكرت عقيدتها فانتصرت تحت راية العقيدة". وهذا غيض من فيض. وللمزيد عن سيد قطب وأدبه وأفكاره ونضاله واستشهاده يمكن الرجوع للكتب التی ألّفها.
1 - التصور الفنی فی القرآن/2 - خصائص التصور الإسلامی/3 - دراسات إسلامية/4 - السلام العالمی والإسلام/ 5 - فی ظلال القرآن (ثمانية مجلدات)/ 6 - كتب وشخصيات/7 - لماذا أعدمونی؟/8 - المدينة المسحورة/9 - معركتنا مع اليهود/10 - مشاهد القيامة فی القرآن/11 - مهمة الشاعر فی الحياة/12 - النقد الأدبی أصوله ومنهجه/ 13 - معالم فی الطريق/
1 - سيد قطب أو ثورة الفكر الإسلامی، محمد علی قطب/2 - سيد قطب حياته وأدبه، عبد الباقی محمد حسين/3 - سيد قطب الشهيد الحی، د. صباح عبد الفتاح الخالدی/4 - سيد قطب من القرية إلى المشنقة، عادل حمودة/ 5 - مذابح الإخوان فی سجون ناصر، جابر رزق.
المصدر:"geocities.com"
captcha