ولفت البیان الذی أصدره المؤتمر مساء أمس الثلاثاء فی العاصمة الإیرانیة
طهران بمشارکة وفود من 70 دولة من العالم إلى أن الید التخریبیة لن تقتصر
على تدمیر هذا البلد أو ذاک بل ترید الامتداد إلى جمیع بلدان العالم بما
فیها البلدان الداعمة للإرهاب.
وشدد البیان على أنه من الواجب تعبئة الإمکانات وبذل الجهود لمنع تفکک هذه
البلاد وإقرار الأمن والسلام فیها، معتبراً أن القضیة الفلسطینیة هی رأس
قضایا الأمة وتحتل الأولویة فی الأزمات التی تعانیها الأمة الإسلامیة.
وأشار البیان إلى أن وراء أعمال العنف والإرهاب تخطیطاً مدبراً لتشویه
صورة العالم الإسلامی ولخلق مبررات لمزید من التدخل الأجنبی فی شؤون البلاد
الإسلامیة مدینا ما تتعرض له من فتن طائفیة تؤدی إلى انتهاک المقدسات.
ودعا البیان إلى أن تتحرر جمیع البلدان الإسلامیة من الهیمنة الاستکباریة
والصهیونیة لتتجه طاقاتها إلى التطور والتقدم بدلاً من إحراقها فی الحروب
وإبادة البلدان واحتراق أموال النفط الإسلامی من خلال قتل الشعوب وهدم
بلدانهم وإثارة الخلافات بینهم، موضحاً أن من أهم الأزمات التی تعانیها
الأمة الإسلامیة الأزمة الاقتصادیة والتضلیل الإعلامی.
ولفت البیان إلى أن السبیل الوحید لمواجهة الأزمات الراهنة هو المقاومة
الفکریة والثقافیة والاقتصادیة والسیاسیة والعسکریة مشددا على أن هذا لن
یتم إلا بالتعاون بین البلدان الإسلامیة حول محور المقاومة الشاملة.
وختم البیان بالتأکید على ضرورة التعاون بین المؤسسات التعلیمیة والبحثیة
وجامعات العالم الإسلامی لنشر ثقافة التقریب بین المذاهب الإسلامیة وتقدیم
حقیقة الإسلام البعیدة عن العنف والتطرف مهنئا الجمهوریة الإسلامیة
الإیرانیة على انتصارها فی البرنامج النووی وما قطعته من أشواط مشرفة فی
مجالات التقنیة والتطویر داعیا سائر البلدان الإسلامیة إلى تطویر قدراتها
التقنیة والعلمیة.
واختتم المؤتمر الدولی التاسع والعشرون للوحدة الاسلامیة أعماله مساء أمس
الثلاثاء بالعاصمة الایرانیة طهران بکلمات بعض العلماء والمفکرین استعرضوا
خلالها الواضع الراهن للامة الاسلامیة والتحدیات التی تواجهها وسبل
معالجتها.
أکبر التحدیات التی تواجه الأمة هو العدو الصهیونی
قال السید علی فضل الله، امام جمعة الضاحیة الجنوبیة لبیروت، ان اکبر
التحدیات التی تواجه الامة هو العدو الصهیونی الذی یعمل على اسقاط کل قوة
المسلمین مؤکداً على ان الامة الاسلامیة قادرة على انتزاع قدرتها وتحریر
ارض فلسطین رغم کل الصعوبات.
واضاف ان الفکر التکفیری الارهابی هو التحدی الآخر للامة والذی یأتی من داخلها وشکل ولایزال یشکل جرحاً عمیقاً فی مسیرة التقارب.
واکد على ان دور هذا الفکر هو ان یسقط وحدة الامة والمحرک للشعوب والباعث
الحیوی فیه وان یسقط الدین من کل صفائه، مشیراً الى ان هذا الفکر کان
موجوداً ولکن بصورة هامشیة والاستکبار غذّى هذا الفکر وجعله حاضراً على
الساحة لانه هو الاکثر تاثیراً على تشویه صورة الاسلام.
واعرب السید فضل الله عن امله بان یاخذ العلماء والمفکرون دورهم لمواجهة
التطرف والتکفیر من خلال حضورهم الى هذه الحاضنه (مؤتمر الوحدة) والتعرف
على مرجعیات هذه الظاهرة، مشدداً على ان الصراع سیاسی لکن الفتاوى والکلمات
الدینیة التی تستخدم تعطی منحاً آخر لهذه الظاهرة ولابد للعلماء ان یطفئوا
هذه النیران التی تحرق الجمیع وتسقط کل قدرات العالم الاسلامی.
کما قال سماحته ان التخویف المتبادل بین اتباع الدین الاسلامی وما یسمى
بالهلال الشیعی والهلال السنی هو الذی جعل الجمیع یدافع عن وجوده ویرى
وجوده مهدداً.
ومن الاسباب الاخرى التی اشار الیها والتی ساهمت فی ظهور التیارات
التکفیریة هو غیاب الحریة والعدالة واعتماد الحل الامنی لمجریات الداخل
مضیفاً أن تفکیک حلقة الاستبداد یشکل صمام امان للاستقرار لان الشعوب
المسلمة تشعر بالظلم والغبن وهذا مایساعد على توسیع نطاق الظاهرة التکفیریة
والارهابیة.
واضاف ان الخطاب الانفعالی یمهد لفکرة التکفیر طریق النمو معرباً عن امله بان یکون الخطاب مع الرأی الآخر منطقی.
وقال لسید علی فضل الله ان على المفکرین والنخبة وعلماء الدین الذین
یعیشون الوحدة أن ینزلوا الى الارض ویعیدوا انتاج الوحدة فی داخل نفوس
الشباب والمجتمعات ویقوموا بتوسیع دائرة الوحدویین وفتح باب الحوار وان
یزیلوا المخاوف وسوء الفهم ویعیدوا الصورة المشرفة الى الدین.
ما یجری من فتن وتدمیر الحضارات یأتی کله من الارهاب التکفیری
من جهته، اکد رئیس مجلس النواب البنانی نبیه بری خلال کلمته التی تلاها
نیابة عنه ایوب حمید فی الجلسة الختامیة لمؤتمر الوحدة، اکد ان ما یجری من
فتن وقتل وتدمیر للحضارات کله یاتی من الارهاب التکفیری والذی هو بالاساس
صناعة الاستکبار العالمی خدمة للدولة الصهیونیة.
وقال ان على المفکرین والعلماء ان یاخذوا أزمات الامة الاسلامیة بنظر الاعتبار ویتفقوا على آلیات حلها.
وشدد على ان العالم الاسلامی امام مخاطر کبیرة وما اعمال اسرائیل وآخرها
استشهاد عمید المحررین سمیر القنطار الا دلیل قاطع على استخفاف الامة
وامعاناً بمواصلة مشروعها الصهیونی فی تصفیة المقاومین والقضیة الفلسطینیة.
وتطرق الى افعال ومجازر التکفیریین والارهابیین فی المنطقة، قائلاً: ان
المستفید الاول من هذا النشاط هو العدو الصهیونی والملفت للنظر ان المستثنى
الوحید عند التکفیریین هو الکیان الصهیونی وعدوهم هی ایران.
وفی اشارته الى قتل العلماء من شیعة وسنة ومسیحیین فی العراق وسوریا
وتدمیربیوت العبادة وتهجیر المسلمین والمسیحیین، تسائل بری من الذی یزود
التکفیریین بالمخخات والاسلحة الفتاکة ومن الذی یهدر الطاقات العربیة
والاسلامیة فی حروب مجنونة ومن الذی یبرر الاغتیالات والتفجیرات فی لبنان
وقتل الابریاء وماذا عن الاجرام الذی تمادى الى فلسطین وافریقیا لینعم
الصهاینة بالراحة والامان؟
وطالب بری المؤتمرون بتنشیط المراکز البحثیة لمواجهة الفکر التکفیری،
داعیاً الحوزات الدینیة لعقد حوارات تؤکد على ان الخلاف فی الرأی لایفسد
الدین.
کما طالب المنظمات الدولیة ان تحول الارهاب الى قضیة تقوم بمعالجتها بامکانیاتها وآلیاتها.
وفیما قدم شکره للقائمین على مؤتمر الوحدة الاسلامیة، اشار رئیس مجلس
النواب فی لبنان خلال کلمته الى ان ایران انحازت الى کل القضایا العادلة فی
العالم وعلى رأسها القضیة الفلسطینیة معرباً عن استغرابه ان یتسامح البعض
مع الکیان الصهیونی ویعادی ایران.
وقال الشیخ محمد نمر زغموت، رئیس المجلس الاسلامی الفلسطینی فی لبنان، فی
کلمته التی القاها فی مراسم اختتام مؤتمر الوحدة الاسلامیة: "آن الاوان ان
یقف المسلمین مع اخوانهم الفلسطینیین ویمدوهم بالمال والسلاح والدفاع عن
المقدسات وخاصة الاقصى الشریف وآن الاوان ان یلبی المسلمین نداء ربهم حیث
یقول "واعدوا لهم مااستطعتم من قوة..."
وطالب زغموت الدول العربیة والاسلامیة بقطع کافة العلاقات السریة والعلنیة
وان یخرجوا الصهاینة من اراضیهم وان یقفوا مع اخوانهم الفلسطینیین.
وخاطب زغموت الدول التی ترتبط بای شکل من الاشکال بالکیان الصهیونی ان
یفکوا احلافهم ومعاهداتهم مع الصهاینة وان یتوقفوا عن تخریب سوریة والعراق
والیمن کما خربوا لیبیا .
واکد رئیس المجلس الاسلامی الفلسطینی فی لبنان ان "کل یوم عاشوراء وکل ارض
کربلاء فکربلاء المسلمین الیوم فلسطین وحسین فلسطین (الشعب الفلسطینی)
ینادی هل من ناصر ینصرنی".
کلمتا المرجعین بشیر النجفی و جعفر سبحانی فی الجلسة الختامیة لمؤتمر الوحدة
وأقیمت مساء الثلاثاء الجلسة الختامیة للمؤتمر الدولی التاسع والعشرین
للوحدة الاسلامیة، حیث تضمن الحفل قراءة کلمتین لمرجعین دینیین کبیرین من
النجف الاشرف وقم المقدسة.
وألقى الشیخ علی بشیر النجفی کلمة المرجع الدینی الکبیر فی النجف الاشرف
آیة الله العظمى بشیر النجفی، التی أعرب فیها عن أسفه وألمه لما حل
بالاسلام وما آلیت الیه اوضاع المسلمین، ونهب القوى الکبرى لثروات المسلمین
ومن ثم استخدامها للتنکیل بالشعوب الاسلامیة وقتل المسلمین، نتیجة لنفوذ
أیادی هذه القوى وهیمنتها على مقدرات المسلمین.
رأى أن الاعداء ینعمون بالامن و السلام، فیما یتمادى المنافقون والخونة
والمنحرفون فی التنکیل بأبناء جلدتهم من المسلمین ویقدمون کل أنواع الدعم
لاسیادهم باسم الاسلام وتحت عناوین ومسمیات اسلامیة.
و فی جانب آخر من کلمته، دعا آیة الله العظمى النجفی قادة الدول الاسلامیة
والعلماء والمفکرین الى التأسی بصدر الاسلام والحرص على تکاتفهم وتأزرهم
وتآخیهم ووحدتهم، والحرص على مکانة الاسلام وعزته وکرامة الامة الاسلامیة.
وأما کلمة المرجع الدینی بمدینة قم المقدسة، آیة الله العظمى الشیخ جعفر
السبحانی، التی بعث بها الى المؤتمر وقرأها آیة الله الشیخ محسن الاراکی،
أشارت الى أن الله سبحانه وصف رسوله الاکرم والذین من حوله بقوله عز من
قائل: "محمد رسول الله والذین معه أشداء على الکفار رحماء بینهم" و أوضح
سماحته قائلاً: اذا کان هذا التکلیف منذ عصر نزول الوحی الى زماننا هذا فهل
المسلمون فی ارجاء المعمورة قائمون بتکلیفهم على هذا النحو، أو أن الحال
خلاف ذلک، فصار المسلمون أشداء على المؤمنین، وربما صار بعض منهم رحماء على
الکافرین، وعلى الصهاینة الذین یحتلون الارض المبارکة و ینتهکون حرمة
المقدسات فیها.
وتابع سماحته: فی مثل هذه الظروف وقد حاق البلاء بالاسلام والمسلمین، حری
بالمفکرین الواعین المشارکین فی هذا المؤتمر ان یقدموا حلولاً لهذه الازمات
الخانقة، وایجاد السبل الکفیلة بایقاف نزیف الدماء التی تسیل ظلماً
وعدواناً.
و مضى سماحته یقول: الاسوأ من ذلک ظهور فئة طائشة هوجاء لیس لها أیة صلة
بالاسلام و تشریعاته و سننه وأصوله، تحکم باسم الاسلام و تمارس أسوأ
الاعمال التی لم یشهد لها التاریخ مثیلاً إلا فی العصور المظلمة والحملات
الوحشیة الشرسة فی القرون الوسطى.
التقریر النهائی للجان المتفرعة من المؤتمر الدولی التاسع والعشرین للوحدة الاسلامیة
وخرجت اللجان المتفرعة من المؤتمر الدولی التاسع والعشرین للوحدة
الاسلامیة الذی عقد تحت عنوان "الازمات الراهنة فی العالم الاسلامی" بعدة
توصیات نوجز هنا تقریر بعض هذه اللجان وتوصیاتها.
توصیة اتحاد الأساتذة الجامعیین
التأکید على أهمیة الدور الذی یمکن أن تلعبه الجامعة، وهی الکیان الجامع
والراسخ والعریق فی العالم الإسلامی، وذلک فی صیغتین: مباشرة من خلال وضع
وتدریس مناهج للمعرفة وعناوین للعقائد والأسس الفکریة فی شتى محالات
الحیاة، بما یساعد على التقارب والتآلف والقبول والتعاون.
غیر مباشر: أولاً من خلال ما لایزال یحظى به الأستاذ الجامعی فی مجتمعاتنا
الإسلامیة فهو حاضر بقوة فی المجالس والمنابر والشاشات ومختلف الأمکنة
المؤثرة.
وثانیاً: من خلال التعاون العلمی الجامعی العابر للحدود والتواصل بین
الدول الإسلامیة وهذا التعاون فیما ینفع الناس یقرب الناس وإن بطرق بعیدة
عن النقاش الفقهی والعقائدی.
المقترح: إنشاء مرکز بحثی علمی بمبادرة من مجمع التقریب ولکنه یکون على
عهدة ما هو موجود، أو ما یمکن أن یوجد ـ فی الاتفاقیات العلمیة بین
الجامعات فی العالم الإسلامی وتکون أنشطته وفق الصیغتین المذکورتین.
توصیة لجنة الأحزاب الداعمة للمقاومة الإٍسلامیة
لقد کانت هذه اللجنة بمثابة هیئة تأسیسیة لرابطة الأحزاب الداعمة للمقاومة
الإسلامیة بحضور ممثلین عن 30 حزباً ومنها أحزاب عضو فی نقابة الأحزاب
الإیرانیة.
ولقد صادقت هذه الهیئة على مسودة میثاق تأسیسی یرکز فی بنوده على أولویة
المواجهة مع العدو المحتل والغاصب إسرائیل والصهیونیة العالمیة حتى الوصول
إلى هدف التحریر المنشود.
کما یؤکد على نبذ التطرف بکافة أشکاله والنزعات الجهویة والقبلیة المحدودة
المناقضة لمشروع الوحدة والتقریب. وشدد على تنسیق المواقف فی کل الساحات
والجبهات.
توصیة لجنة التجار ورجال الأعمال المسلمین
وخلصت لجنة رجال الأعمال المسلمین إلى توصیة یمکن تلخیصها فی النقاط التالیة:
1- إنشاء رابطة لرجال الأعمال المسلمین، لها کیانها الإداری وموقعها الإلکترونی.
2- معالجة العراقیل للعمل التجاری عبر الدول الإسلامیة من تأشیرات وغیرها.
3 – الإهتمام بالسیاحة النظیفة التی تحترم التعالیم الإسلامیة.
4- ترویج وتحفیز التعاون فی إطار الصناعات الصغیرة والمتوسطة.
5- تنشیط عملیة التبادل والترکیز على مقاطعة البضائع الإسرائیلیة.
توصیة لجنة الشباب والطلاب الجامعیین
1 – المساهمة فی تحقیق العزة وذلک من خلال تعزیز الهویة الإسلامیة
المعتدلة الأصیلة والبصیرة المتنهة العالمة لما یرسمه الأعداء من خطط
للإیقاع بالجیل الشاب تحدید أو العمل على هدم مستقبله.
2- ترسیخ الاعتقاد بامتلاک الشباب لطاقة وامکانیة یمکن لها أن تحدث
تحولاً، ویمکن فی هذا الإطار أن یؤسس صندوق بعمل على معالجة مشکلات الشباب
واستقطاب الطاقات والحد من هجرتها.
3- فلسطین یجب أن تبقى رایة حیة تتناقلها الأجیال جیل بعد جیل.
4- الاهتمام بوسائل نشر القوة فی فئة الشباب من خلال الإفادة من الإعلام والاتصالات وتنظیم اللقاءات والإجتماعات.
ویذکر ان المؤتمر الدولی التاسع والعشرین للوحدة الاسلامیة انطلقت اعماله
یوم الاحد فی طهران بحضور اکثر من 600 شخصیة من حوالی 70 بلد.
المصدر: وکالة أنباء التقریب + العالم