ایکنا

IQNA

الأقلية المسلمة في ميانمار يعانون التطهير العرقي

16:20 - February 06, 2017
رمز الخبر: 3463408
أراكان ـ إکنا: أذهلتني تقارير الأمم المتحدة في الأيام السابقة، والتي بينت كيفية ذبح عناصر من الجيش الميانماري أطفال أقلية (الروهنغيا) المسلمة بالسكاكين إلى جانب الاغتصاب الجماعي للنساء.
الأقلية المسلمة في ميانمار يعانون التطهير العرقي
وتأتي هذه المجزرة من ضمن عملية تطهير عرقي، يقوم بها الجيش في الأيام السابقة. المقابلات مع الضحايا تروي قصصاً مروعةً في دولة تحكمها امرأة فازت بجائزة نوبل للسلام بسبب حمايتها للأقليات.

إن كانت هذه طريقة أونغ سان سو تشي في حماية الاقليات، لا أريد معرفة كيف تعاقبهم. هذه الأخبار تنادي بالتساؤل حول النفاق الإعلامي العالمي الذي فشل في تغطية الأخبار، كما تدعو إلى التساؤل حول كيفية استحقاق جائزة نوبل.

في حال ميانمار، كان لا بد أن يظهر بطل مخلص يؤمن بحقوق الإنسان لينقذ الوضع السيء الذي وصلت لها البلاد، وبالنسبة لميانمار لم يكن هناك أفضل من زعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي (71 عاما) التي تتمتع بشخصية قيادية وتأتي من عائلة سياسية، وذلك لأن والدها الجنرال سان سوكي هو البطل الذي قام بمفاوضات أدت إلى استقلال بلادها وهو يعتبر الأب المؤسس لميانمار، وقد اغتيل من قبل أعدائه عندما كانت سو تشي تبلغ عامين فقط.

بعد قضاء طفولتها وشبابها بعيداً عن ميانمار، وذلك لظروف والدتها التي كانت سفيرة ولاحقاً بسبب دراستها في بريطانيا وتزوجها من دكتور بريطاني.

وعادت سوتشي إلى ميانمار عام 1988 للاعتناء بوالدتها المريضة، عندها تزعمت حزب "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية"، نتيجة نشاطها الحراكي والثوري في معركة بلادها من أجل الديمقراطية والتحرر من قبضة الجيش الذي يحكم البلاد.

ونتيجة لحراكها الصادق وخطاباتها المفعمة بالحيوية، استطاع حزب سوتشي الفوز في انتخابات عام 1990، التي أُبطلت نتائجه من قبل الحكم العسكري.

بعد ذلك، احتجزت سو تشي في منزلها في العاصمة الميانمارية رانغون لمدة 16 عام، حرمت فيها من رؤية زوجها قبل موته بمرض السرطان، ومشاركة طفليها حياتهما، كما حصلت على عدة جوائز فكرية وحقوقية عالمية تقديراً لدفاعها عن حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق الأقليات أهمها: جائزة سخاروف لحرية الفكر عام 1990، وجائزة نوبل للسلام عام 1991. وفي عام 1992 حصلت على جائزة جواهر لال نهرو من الحكومة الهندية، كما قرر مجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع منحها ميدالية الكونغرس الذهبية، وهي أرفع تكريم مدني في الولايات المتحدة.

أطلق سراح سو تشي عام 2010، وعادت للحياة السياسية بقوة، فدخلت البرلمان عام 2012 وذلك بعد انتهاء السلطة العسكرية رسمياً، وإدخال إصلاحات سياسية كبيرة. ومع تزايد الشعبية لحزبها، استطاع حزب لرابطة الوطنية من اجل الديمقراطية، الفوز بانتخابات ميانمار بأغلبية ساحقة للمرة الثانية، ولكن كما يقول المتنبي، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن؛ فللأسف بالرغم من كل صراعها السياسي لا تستطيع سوتشي توليها الرئاسة للدولة. لماذا!؟

لان الدستور الميانماري يحتوي على مادة استحدثها المجلس العسكري خلال فترة حكمه، "أي شخص متزوج بمواطن أجنبي أو يحمل أطفاله جنسية أجنبية لا يمكن أن يصبح رئيساً"، وهذا البند كما هو واضح منح السلطة العسكرية الراحة والأمان من تسليم السلطة للمدنيين، وخصوصاً الحزب الذي تترأسه سو تشي الذي يكتسب شعبية يوماً بعد يوم (فعلا مجاكرة أولاد صغار).

وبرغم كل المعوقات التي وضعت أمام تحقيق الديمقراطية في ميانمار، الآن سو تشي، تمتلك ما يحلم به جميع النشطاء السياسيين في العالم، جائزة نوبل للسلام، سلطة سياسية، نفوذ شعبي، وشعبية واسعة، ماذا ستفعل لشعبها والقضايا العالقة في بلدها حيث إنها سوف تواجه ملف الروهنغيا لا محالة بعد انتخاب حكومة سترأسها.

مبدئياً وللأسف، أخلفت سو تشي وعودها الانتخابية ومبادئها السياسية، فالتزمت الصمت والحيادية حيال قضية الأقلية المسلمة في ميانمار، حيث صدر عنها في أول تصريح رسمي بعد احتفالات حزبها أن مساعدة الأقلية المسلمة "الروهنغيا" ليست أولوية على جدول أعمال الحزب الذي انتزع ما يقارب 80% من مقاعد البرلمان، وهذا ما أكده مسؤول رفيع المستوى في الحزب الذي أضاف أن لديه أولويات أخرى مثل السلام، والانتقال السلمي للسلطة، والتنمية الاقتصادية والإصلاح الدستوري، وهذا التصريح يعاكس تماماً الوعود الانتخابية التي كانت تصب في الشعار الذي رفعته سو تشي "جميع الموطنين الميانماريين سوف يكونوا محميين، بمجرد تشكيل الحكومة في 2016".

بعد هذه التصريحات المتناقضة، يبقى السؤال: كيف يمكن لمثل هذه الشخصية الحقوقية أن تكون متحفظةً جداً وحيادية عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن أكثر أقلية عرقية تعرضت للاضطهاد في العالم موجودة في بلدها؟ أليس لهذه الأسباب وُجدت حقوق الانسان، ووجدت الاتفاقيات العالمية؟ هل حلم السيطرة والسلطة سلب منها الإنسانية والمبادئ من أجل الكرسي؟!

المبكي والمحزن، بالرغم من أن سو تشي تخلت عن أقلية الروهنغيا، التي يبلغ عدد أفرادها ما يقارب المليون، إلا أنهم ما زالوا يملكون الأمل بسوتشي سوف تفعل شيئاً وتتحرك لوقف معاناة اللاجئين ورحلاتهم والمجازر التي ترتكب في حقهم.

بقلم: رحمة المغربي

المصدر: وكالة أنباء أراكان
captcha